الجمعة، 3 أبريل 2009

بغداد لا تحزنى – 27 – 3 – 2006

ثلاث سنوات مرت علي احتلال العراق، ثلاث سنوات فقد خلالها الدم العربي حمرته وسخونته، واكتست وجوهنا بملامح التبلد ونحن نتابع مقدساتنا الإسلامية تستباح، وأعراضنا تنتهك، فيما نكتفي ببعض جمل سخيفة عن حقوق الإنسان واتفاقيات حماية الشعوب المحتلة!!.

تحول «الاحتلال» إلي واقع تكيفنا معه، وسقطت مرارته بالألفة والعادة، وأصبحت كرامتنا الذبيحة في سجن «أبوغريب» إلي «ماضي» يذكرنا بحضارة العراق وتراثها المنهوب. تحولت المقاومة المشروعة للمحتل إلي «فرق موت» وكتائب إرهاب ندينها ونتهمها بإثارة الفتن العرقية والمذهبية. ولعل هذا هو النجاح الأول لـ«جورج بوش» من غزوه للعراق.. لقد انكسرت الأمة العربية تماما يوم سقوط بغداد.

لا تصدقوا ما نتشبث به من أشلاء للقومية العربية، لا تنتظروا من القمة العربية جديدا إنها مجرد «مكلمة»، ولا تعلقوا الآمال علي الجامعة العربية فقد تحولت إلي «ضريح» لما كان يسمي الأمة العربية.

انتظروا تضييق الخناق أكثر فأكثر علي قائد الحرب الصليبية «بوش» وشريكه مبعوث العناية الإلهية «بلير» سواء من شعوبهم التي تجيد محاسبة صناع القرار أو من العالم الذي يغلي بـ«إرهاب» مضاد للبلطجة الأمريكية.

آن الأوان لكي يدفع بوش ثمن أخطائه وأخطاء إدارته ومهما تملكه «الكبر» فسوف يأتي يوما يعلن فيه جهله بالمنطقة العربية التي أراد لها «الديمقراطية» علي جثث رجاله وشعوبها. لن يكون الثمن -هذه المرة- حربا أهلية تجتاح العراق لتعفيه من إعلان فشله وسحب قواته بأمان، فعناصر الفتنة العرقية والدينية التي يحاول إشعالها وضعته في مأزق الفشل المستمر في تشكيل حكومة وحدة وطنية تعزز الأفكار التي يضلل بها الرأي العام الأمريكي حول تكريس الحرية والديمقراطية في العراق.

إن كل الأفكار التي حاول بها تجميل حملته الصليبية من أجل «النفط» تتهاوي فكرة تلو الأخري : فلا الحديث باسم "الرب" أصبح مقبولا في عالم يحتدم فيه صراع الأديان، ولا الحديث عن «الديمقراطية» يرضي المتضررين من إعصار «كاترينا» الذين يسألون الكونجرس عن الدعم المخصص لهم بعد أن ذهب علي البوارج الحربية إلي العراق، ولا أهالي قتلي قوات التحالف سيصمدون طويلا مع أنباء سقوط الضحايا من الجانبين وصور النعوش الطائرة لمختلف أرجاء الدنيا.

الحقيقة أن الوجود الأمريكي الساحق في العراق وحملاتها الحربية المتكررة علي المدن العراقية بزعم مطاردة عناصر إرهابية، كل هذا لم يمكنها من السيطرة علي الأوضاع الأمنية في العراق، حتي أن بعض المحللين يري أن قوات الأمن العراقية نفسها تحولت إلي «هياكل» تحمي عناصر المقاومة.

ورغم ذلك مازال بوش يرفض تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، بل ويحذر من عواقب انسحاب «سابق لأوانه». ويشير إلي احتمال بقاء القوات الأمريكية في العراق إلي ما بعد نهاية ولايته في 2009!!.

وهذا دليل جديد علي «حماقته» التي دأبت الكتابات الأمريكية علي ذكرها، وكأنه بذلك التصريح يبشرنا بمزيد من المذابح البشرية، و يرشح «دجلة والفرات» لاستقبال نزيف الدم من الجانبين.

قد يأتي يوم يحاسب فيه الشعب الأمريكي حاكمه علي هوسه بالحرب الذي ورطهم جميعا في «فيتنام» جديدة، وقد يكون الشعب الأمريكي قد انتبه إلي فاتورة الحرب الباهظة سواء من أرواح شبابها أو من عجز في الميزانية وصل إلي 250 مليار دولار، أضف إلي ذلك سقوط أسطورة «حقوق الإنسان» التي تأسس عليها مفهوم الحرية الأمريكية.

الشعب الأمريكي الآن «مرعوب» يستسلم لقوانين تسلبه حريته بدعوي الدفاع عنه، ويلتزم بتحذيرات تحرمه حرية التنقل بين العالم، وكل ذلك من جراء سياسات إدارة بوش التي استعدت العالم كله ضدهم.

قطعا الشعب الأمريكي منتبه إلي المصيدة العراقية، يتظاهر في ذكري غزو العراق ربما يستفيق حكامه ويفلتون منها.. لكننا مغيبون تماما: «الاحتلال فتت العراق طيلة ثلاث سنوات ونحن صامتون..قوات الاحتلال الإسرائيلي تجتاح مناطق الحكم الذاتي فيما نكتفي بـ«شجب»، احتمالات الاحتلال تهدد «دارفور» نتواري خلف بيان "تنديد".

فلماذا لا نجعل شعار القمة العربية:«شجبتم.. وأدنتم.. فنمتم ياعرب»؟.

ليست هناك تعليقات: