الجمعة، 3 أبريل 2009

السود فى مزاد الأقليات – نشر بتاريخ 13 / 2 / 2006

أنت.. وأنا.. وكل مصري في قفص الاتهام الآن، أما التهمة فهي العنصرية والسياسة الاستعمارية والنظرة الاستعلائية لأهل"النوبة"والسودان!!. ولأنك"مستلب"و"مغبش"فقطعا لن تفهم بسهولة كيف أسهمت أنت وأجدادك وحكامك في استعباد أهل السودان والنوبة، وتسخيرهم لحفر القناة وتهميشهم لدرجة حصارهم في وظائف دونية ليتحول هؤلاء المواطنون إلي طباخين وسفرجية وخدم وهم أصحاب الأرض الأصليون!.

هل فهمت شيئا مما أقول أم أن العنصرية المتغلغلة في ثقافتك تعميك عن حقيقة دورك التاريخي في الظلم الواقع علي"السود"من أهالي النوبة والسودان. عموما أنا شخصيا عندما طالعت بيانات ما يسمي (حركة تحرير الكوش) تصورت لأول وهلة أنني أمام"كوميديا سياسية"استغل فيها البعض مذبحة إجلاء اللاجئين السودانيين عن ميدان"مصطفي محمود" ليسلينا ولكن مع بعض (الرذالة). لكنني اكتشفت أنني أمام مؤامرة حقيقية بكل المقاييس، وأن تلك الحادثة التي هاجمتها كل الصحف تحولت إلي كارت جديد في أياد تجيد"القبض"من الجهات الخارجية لتوريط مصر فيما يسمي مشكلات"الأقليات". وبسرعة شديدة حيكت المؤامرة وتم صك الشعارات وعقد المؤتمرات وإلقاء الكلمات النارية عن عنصرية المصريين!.

في سياق التدليل علي اضطهاد"السود"تمت إعادة صياغة تاريخ مصر وفقا للمزاج الشخصي الذي تحكمه"الدولارات"، تبدلت الخرائط وتحورت الأحداث التاريخية، حتي أدوار الحكام تم تشويهها لمصلحة نظرية العنصرية المفتعلة، فكون والدة اللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة"سودانية"لا يعفينا من اضطهاد اهل النوبة،ولا سواد بشرة الرئيس الراحل أنور السادات (ابن ست البرين السوداء اللون) يمحو ذنوبنا وجرائمنا الفظيعة في حقهم (في رأيهم أنه قام باحتلال مثلث سره وفرس فهما قريتان نوبيتان). وحتي وجود (المشير حسين طنطاوي) وهو"نوبي مصري"علي رأس وزارة الدفاع حالياً ليس دليلا علي سماحة المصريين.

نحن جميعا عنصريون.. ودليلهم علي ذلك :( أنه لا يوجد مذيعون ولا مذيعات سود، فوزارة الإعلام المصرية تمارس العنصرية ضد بروز أي وجه نوبي، والأنظمة الاستعمارية تعمل علي تغييب الثقافة النوبية والفن النوبي وإلا لماذا قبض علي الفنان النوبي"محمد حمام"وتم ضربه وتهديده من قبل الأمن المصري بعد غنائه لأهل حلفا النوبيين!!). هذه الأدلة السخيفة التي يسوقها المناضلون لتحرير"الكوش"لا يمكن الرد عليها مثلا بشعبية"محمد منير"وإلا تكون سقطت في"الفخ"المنصوب لنا وبالتالي انزلقت إلي المؤامرة الكبري الكامنة خلف تلك السخافات.

فالهدف الحقيقي مما يسمي"حركة تحرير الكوش"هو تهديد الأمن القومي المصري بحركة انفصالية علي حدود السودان، وهي لعبة أخطر من لعبة اضطهاد الأقباط. فالحديث عن نضال حركة تحرير الكوش السودانية لتحرير (مثلث حلايب ومثلث سره وفرس ومنطقة ارقين) هو اختراق لسيادة الدول علي أراضيها، ولعبة حقيرة تديرها أياد خارجية وتمدها بالتمويل وترشحها للتدويل. فلا يمكن النظر إلي عبارات من عينة ( تطهير عرقي ضد النوبيين ) علي أنه مجرد كلام (حنجوري) ما دامت هناك منظمات مصرية تنظم صفوف هؤلاء المارقين المشوشين لتشكل منهم مجموعة انفصالية. وهي مجموعة تبدأ مطالبها بإعادة التوطين حول بحيرة السد العالي ولن تنتهي إلا بالمطالبة بمنطقة حكم ذاتي!.

كان من الممكن فهم مؤامرة"الكوش"لو أننا علمنا منذ البداية لماذا تم تحييد مصر في عملية المصالحة السودانية. بل كان لابد ساعتها أن ندرك أن حدودنا مع السودان أصبحت"هشة"بما يغري الخونة والعملاء بالضرب عند الحزام أو الحدود المصرية السودانية. وربما جاءت حركة الكوش لدق ناقوس الخطر، علنا نفيق إلي حساسية ذلك العمق الاستراتيجي للبلاد.

وبما أنني ـ شخصيا ـ مستلبة ومغبشة -طبقا لتوصيفات الحركة لمعارضيها- فأستطيع أن أعلن بوضوح أن ورقة اضطهاد الأقليات أصبحت"البيزنس"المضمون لبعض المنظمات المصرية -بكل أسف- والتي احترفت الاتجار بالوطن وهمومه ولو بإشعال الفتن وتوريط مصر في تهم مفتعلة بل ومثيرة للسخرية مثل العنصرية واضطهاد السود. وهذا تحديدا ما جعلني أتجاهل المناضل المصري المعروف الذي يتاجر بتلك القضية وأيضا الكاتب النوبي الذي يروج لها عبر شبكة الإنترنت، وأتجاوز عن العديد من اتهاماتهم الباطلة حتي لا أصبح طرفا في مؤامرتهم ولو بالنقاش. لكن يبقي السؤال المحوري عالقا : هل يكفي كشفهم إعلاميا لإحباط مخططهم؟.. أتصور أن الإجابة لابد أن تأتي عنصرية استعمارية وفاشية وفقا للسيناريوهات التي يرسمونها دائما 

ليست هناك تعليقات: