الجمعة، 3 أبريل 2009

أاااااه ياعرب – نشرت بتاريخ 12 / 12 / 2005

إن شئتم أن تحاكموا «صدام حسين» فحاكموه علي سقوط بغداد أولا، علي هروب رجاله «النشامة» من مواجهة «علوج الأمريكان» واختفاء أركان نظامه الحديدي في غمضة عين «آرييل شارون» علي مذبحة «صبرا وشاتيلا»، وحاكموا معه «جورج بوش» علي خرق كل المواثيق الدولية التي تلزم قوات الاحتلال بحماية أرواح المدنيين وأعراضهم!.. . حاكموا هؤلاء علي جرائم الحرب.

حاكموا الصمت العربي المتواطئ مع قوات الاحتلال، حاكموا منظمات «السمسرة» التي تضفي شرعية علي الحكومة العراقية!. واسألوا الأمين العام للجامعة العربية «عمرو موسي» عن سرسعادته لسماع السلام الوطني (النشيدين) العراقي والكردي. اسألوه عن الخريطة السياسية لـ «العراق الجديد» الذي بشرنا به عقب وصوله إلي كردستان!!

حاكموا نصوص حقوق الإنسان الأسيرة مع الكرامة العربية في سجن «أبو غريب»، حاكموا بعض الأنظمة العربية التي لا تكف عن ممارسة القمع علي شعوبها وترتكب مذابح تفوق مذبحة بلدة الدجيل الشيعية التي يحاكم صدام علي ضحاياها (148 فقط). اسألوا أنظمتكم عن ضحاياهم في المعتقلات وفي حروب غير مبررة دفعت الشعوب ثمنها من اقتصادها وأرواح أبنائها منها الحرب العراقية - الإيرانية.

أو اسألوا أنظمتكم عن ضحايا المظاهرات.. والانتخابات!

قبل أن تحاكموا «صدام» حاكموا أنفسكم علي تأليه الحكام وتكريس نمط «الطاغية» في بعض أنظمة الحكم العربية.. اسألوا الشعب العراقي أين كان طيلة ثلاثين عاما؟ لماذا لم يثر علي ديكتاتور يحكم الإقليم الكردي بقانون «الإبادة» ولا يتورع عن إستخدام الأسلحة المحرمة لقمع شعبه؟. ثم حاولوا مضاهاة موديل حكم صدام الحديدي بمخابراته وترسانته البوليسية ونسب الاستفتاء علي شعبيته التي وصلت إلي مائة بالمئة قبل سقوط بغداد مباشرة، ستجدون الموديل الصدامي يطبق بمعظم آلياته في بعض البلدان العربية!!. فلا تلوموا الشعب العراقي ـ المحتل الآن ـ بل لوموا أنفسكم.

العنوا «الثروة النفطية» التي ركعت لها الصحف والمنابر الإعلامية، وخضعت لشروطها المتعسفة دول فقيرة تنتظر «الهبة» وتمنح في مقابلها قرارات سياسية خاطئة وسياسات اقتصادية فاسدة!. العنوا «النفط» الذي يراود قوي الاستعمار عن نفسها دائما ويغريها بإغتصاب أراضينا.. العنوا النفط الذي علمنا الانحناء والتلون كالحرباء.. وأفسد الذمم وأطاح بالقيم ليتغني البعض بمآثر الطاغية «صدام» مقابل «كوبون نفط »!!

في التراث الشعبي يقول المثل: (يافرعون إيه فرعنك ؟.. قال ما لقيتش حد يردني)، لكننا نحفر الأمثال في ذاكرتنا الوطنية لنتأسي بها علي أحوالنا.. ونتتطهر بها من ذنوبنا.. ونستمر في صناعة الفرعون في كل بلد وتحت أي مسمي.. فيما تعفينا الأمثال من المسئولية.

كلنا شركاء ـ بدرجة ما ـ فيما وصلت إليه الأمة العربية (سابقا)، إما بتمجيد الحكام أو بالحياد السلبي. وكلنا ندفع الثمن دون وعي منا ودون أدني مقاومة. فهل يجوز لمواطن عربي أن يشعر بالمهانة حين يري الرئيس العراقي المخلوع في قفص الاتهام؟ هل يجوز أن نتحدث عن شروط المحاكمة العادلة ونرفض تشكيل هيئة المحكمة من أكراد،أو نستنكر مهزلة الشاهد (واو) الذي يقف خلف الستار وتغير الأجهزة نبرة صوته؟ هل تستحق محاكمة صدام أن نأخذها بجدية ونناقش حجج الادعاء ودفوع المحامين أم لابد أن نتعامل معها كجزء من مسرحية هزلية لمخرج أمريكي تقدم ببراعة علي الساحة العربية.

أنا شخصيا لست معنية كثيرا بعنصرية المحكمة ولا بعدم شرعيتها.. لست مهتمة بتوقيت المحاكمة السابق علي وجود حكومة عراقية منتخبة، لسبب بسيط هو أنني «انكسرت» تماما يوم سقوط بغداد. فلم أجد في تلك المحاكمة الهزيلة سوي لون الصبغة التي تغطي شعر صدام، وغطرسته وهو يقول للجميع : «اذهبوا إلي الجحيم» ربما ليلحقوا بالعراق الذي أحرقه بجنونه تماما كما فعل «نيرون»!.

ولا أجد لروحي المجهدة ملاذا سوي كلمات «نزار قباني» في قصيدة «متي يعلنون وفاة العرب»: (أيا وطني..جعلوك مسلسل رعب... نتابع احداثه في المساء.. فكيف نراك اذا قطعوا الكهرباء ؟؟).

ليست هناك تعليقات: