الجمعة، 3 أبريل 2009

إنهيار التابو النووى – نشر بتاريخ 24 / 2 / 2006

حين تاهت الإدارة الأمريكية في كهوف أفغانستان بحثا عن «أسامة بن لادن» لم تجد سوي التمويه علي إخفاقها في تصفية تنظيم القاعدة بشن حرب جديدة علي العراق. حرب تجعل الأمريكيين يلتفون من جديد حول رئيسهم وحزبه الجمهوري تحت شعار «الأزمة»،أو بدافع الخوف الهستيري من«الإرهاب» الذي تحول إلي مبرر لـ «احتلال العالم».

في كل مرة يقع «بوش» بحماقته المعهودة في مأزق يبحث عن حرب جديدة تنتشله من السقوط المدوي في استفتاءات الرأي العام علي شعبيته !. وفي كل مرة يتوفر لديه «مارد» يتهدد الأمن القومي أو «شيطان» يقتحم ثوابت ما يدعي الحضارة الأمريكية. هناك دائما «دولة إسلامية» جاهزة للمقامرة بشعبها وأرضها ليعود الرئيس الأمريكي بطلا متوجا علي قلوب الشعب الأمريكي التي ترتعد خوفا علي جنودها المشردين وأمنها المخترق بفصائل إسلامية لا تعرف من قانون الحياة إلا «الإستشهاد».

لكن قانون الجهاد الإسلامي ضد الإدارة الأمريكية تغير الآن، حطمت إيران «تابو» السلاح النووي، وانتزعت عضوية النادي النووي (بالتصريحات فقط حتي الآن) حين أعلنت نجاحها في تخصيب اليورانيوم، فتحول الرعب الأمريكي من امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية إلي طوق نجاة ينقذ رقبة «بوش» من الغرق في نفط العراق .

وبعد أن كانت استطلاعات الرأي حول الهزيمة الأمريكية -غير المعلنة- في الحرب علي العراق تشير إلي هبوط شعبية «بوش» إلي الثلث، أظهرت استطلاعت الرأي الأخيرة أن حوالي نصف الأمريكيين يؤيدون شن حرب جديدة علي إيران !.

نحن -إذن - في انتظار مغامرة جديدة للإدارة الأمريكية، مغامرة لن توقفها نداءات إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ولا توقيع «العقوبات» علي إيران. ولأن المغامرة تسعي لحماية الحليف الصهيوني «المدلل» فسوف تستقطب أكثر من لوبي سواء من اليهود أو من الصهيونية المسيحية المتغلغلة في اقتصاد أمريكا وأوربا، علاوة علي الجماهير المرعوبة من امتلاك دولة إسلامية للقوة النووية.

إنه بلا شك الاستعراض الأمريكي الأكثر «إثارة»، والذي سيتجاوز الأسلحة المغلفة باليورانيوم المنضب التي تم تجريبها في العراق وفلسطين والكويت أيضا ليصل إلي استخدام قنابل نووية تجبر إيران علي الاستسلام الفوري، وتثبت جدارة القوي العظمي في العالم علي قيادة النادي النووي. المشهد القادم مختلف تماما عن مستنقع فيتنام وتدمير أفغانستان واحتلال العراق، إنه مشهد أقرب ما يكون إلي أفلام «الخيال العلمي» التي أبدعت هوليوود في إنتاجها، لاستعراض القدرة علي محو منطقة جغرافية من الخريطة بتفجير نووي محدود.

وحتي لا يتحول الحديث إلي مجرد نبوءة تعتمد علي الخيال السينمائي أعود إلي الآراء التي تبنتها جريدة «برافدا» الروسية والتي أكدت في تحليلها السياسي أن هجوم واشنطن علي المدنيين بقنابل نووية هو سبيلها الوحيد للإطاحة بالنظام الإيراني، وأن أمريكا التي لم تخرق التابو النووي خلال 60 عاما ستقدم علي تلك الخطوة رغم الاستياء العالمي المتوقع، وأنها ستتمكن من تدارك الموقف بحملة إعلامية موسعة تمتص غضب المجتمع الدولي. وساعتها لن يجرؤ أحد علي الوقوف في وجه أمريكا التي ستكون قد كسرت التابو النووي بالفعل وفرضت سيطرتها علي الشرق الأوسط وخاصة علي 2 من أهم مصادر النفط به: إيران والعراق.

السيناريو القادم أشبه بكابوس يناقض تماما شعبية الرئيس الإيراني «محمود أحمدي نجاد» التي ارتفعت بإعلانه نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم وتحديه للبلطجة الأمريكية . ورغم ان تلك الشعبية أعادت بعضا من كرامة المسلمين السليبة إلا أنها لا ترتبط بالواقع السياسي الذي يؤكد خسارة الجانب الإيراني في تلك المواجهة.

إن كان «نجاد» قد نجح في إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع كل الأطراف أو كان لا يخشي حصارا بالعقوبات إلا أنه لا يتوقع -مثلا- ضربة سريعة لمشروعه النووي كالتي تعرض لها المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات. وإذا كانت حكومته تسعي لطمئنة دول الخليج تجاه مشروعها النووي وتؤكد أنه لا يستهدف إلا «الأعداء» علي أكثر تقدير، فربما لم ينتبه «الطاووس الإيراني» إلي أن العراق قصفت من أراض عربية وأن معظم دول الخليج قد تحولت إلي قواعد عسكرية للإدارة الأمريكية.

للأسف المشروع النووي الإيراني -حتي الآن- لا يصلح إلا لدغدغة مشاعر جماهير الأمة الإسلامية المحبطة، لكنه محاصر بخوف السنة من تزايد النفوذ الشيعي المدعوم بقوة نووية، وهو أيضا مشروع مجهض بالتربص الأمريكي له.

إن فكرة وجود دولة إسلامية تتبني مشروعا إصلاحيا وتقبل بتداول السلطة وتسعي إلي إحداث «توازن قوي» في الشرق الأوسط هو «المشروع الحلم».. والأحلام لا وجود لها في صراع مصالح يدهس دولا بأكملها في مخطط السيطرة علي مقدرات الشرق الأوسط وثروته النفطية..الأحلام لا وجود لها علي أرض واقع سياسي ملتهب بالحروب، واستنفار أمريكي لكسر التابو النووي، ووجود «إسرائيل» في قلب المنطقة. نحن الآن في انتظار إما تراجع مخز لإيران أو استعراض للقوي الأمريكية لم يرق الخيال السينمائي لتصوره.

لكم أن تزهوا جميعا بعنترية التصريحات الإيرانية وجيشه المهول،لكن تمهلوا قليلا حتي يكتمل المشهد.

 

 

 

هناك تعليق واحد:

أحساس لسه حى...كلام من جوه روح لكل روح يقول...

عزيزتى

مظنش ان الادارة الامريكية تقدر تشن حرب على ايران

ده فى افغانستان مع ضعف امكانيات طالبان فشلوا فى القضاء عليها

والعراق اللى كان محاصر اكتر من 12 فقدوا جنود كتير من المقاومه رغم الخلاف الشيعى السنى فى العراق

ايران غير كده معظم شعبها مؤمن بقيادتها وكمان ايران دولة قوية عسكريا وليها علاقات كتيرة

وما يحدث بين ايران وامريكا لعبة سياسية يحاول كل طرف منها الوصول لافضل النتائج

تحياتى

سلام