الخميس، 27 نوفمبر 2008

نعم.. إنصاف الأقباط! .. نشرت بتاريخ 10 / 10 / 2005



لماذا يصر النظام علي ترك ملف الأقباط نهبا للشائعات وحرب التصريحات الصحفية ويسلم قطعة من قلب الوطن للقوي الخارجية لتتحول إلي كارت ضغط علي الإدارة المصرية.. وكأنها إدارة أدمنت ابتزاز القوي الخارجية لها وفقدت القدرة علي التحرك بمفردها وبالتالي تستمتع بسادية الإملاءات الأمريكية.
هي ليست المرة الأولي التي ينظم فيها أقباط المهجر مؤتمرا تحت عنوان الاضطهاد و"حقوق الأقليات الدينية" في مصر ولن تكون الأخيرة.. لأن إحراج النظام المصري هدف ثابت علي أجندة الإصلاح المصري. ورغم ذلك تصر الدولة بكل غطرسة علي التجاهل واللامبالاة وكأن هذا السلوك يعفيها من النقد الدولي والمحلي!
قطعا وصف الأقباط بالأقليات كفيل بإثارة النظام الذي يعتبر أن عرض المشكلة هو الأزمة الحقيقية وأن الملوم في تلك القصة هو الصحافة التي تنشر قصص إسلام بعض المسيحيات أو عجز الدولة عن حماية "حرية العقيدة" بإعادتهم إلي المسيحية. لكن ها هو "عدلي أبادير يوسف" الناشط القبطي المصري المقيم في سويسرا يدعو لعقد المؤتمر القبطي الثاني في واشنطن خلال نوفمبر المقبل تحت رعاية "الكونجرس الأمريكي" وربما كانت المرة الأولي التي يخرج فيها عن أجندة الأقباط لتشمل مطالبه تغييرا شاملا للسلطة. وفي بيان قام بتوزيعه للرد علي مهاجمة مؤتمره شن حربا شرسة علي مصر بدأها بالتشنيع علي الصحافة التي اتهمته بالعمالة ووصفت مؤتمره بأنه مشبوه، وكالت له عشرات الاتهامات، بدءاً من العمالة للغرب والاستقواء بواشنطن ضد بلده مصر، وصولاً إلي وصفه بالموتور والحاقد ومشعل الفتن و"حمال الحطب".
ورغم أن السم الذي يقطر من بيانه يؤكد بعض تلك التهم إلا أنه يقول إنه يراهن علي البسطاء أكثر مما يراهن علي النخبة التي وصفها بأنها "خائنة لقضايا أمتها مقابل ما تحصل عليه من عطايا"!!
ويستشهد أبادير بمظاهرات "كفاية" لينفي اتهامه بالمساس باستقرار مصر. لكنه لا يفوته في هذه النقطة تأييد "توريث الحكم" شريطة أن يقوم "جمال مبارك" بطرد اللصوص المهيمنين علي الحكم في الدولة، والذين أذلوا ملايين المصريين مسلمين وأقباطاً علي حد تعبيره!
وفي تناقض غريب ينتقل أبادير لينتقد رأس الدولة الذي يزعم أنه أصبح "محاصراً" بما يسميه "الأجهزة السيادية" التي تكلف الدولة بلايين الدولارات.. ليستكمل بعد ذلك هجومه الشرس علي مقار الرئاسة التي يسميها "القصور الملكية". ولست في صدد الترويج لآرائه الفجة التي خرجت بقضية الأقباط عن مسارها في إعلان سافر عن طبيعة أهداف لوبي المهجر الذي يتعامل مع النظام وكأنه حكومة منفي! لكني لست من حزب الإنكار، أنا واحدة من الذين ألحوا في كتاباتهم علي تلبية مطالب الأقباط حتي لو كان المناخ السائد ملوثا بالفساد ومترديا بسبب انعدام العدالة وانتهاك حقوق الإنسان. فحقوق المواطنة ليست أغنية موسمية نتغني بها كلما حدثت بوادر فتنة طائفية.. والحديث عن النسيج الواحد للمجتمع ليس مجرد شعار نرفعه في مواجهة الرأي العام العالمي. نحن نواجه مسلسل تسييس الدين بمسكنات فقدت صلاحيتها، وفي الوقت الذي برز اللوبي الشيعي ليرفع صوته وهاجت جماعة الإخوان المسلمين للمطالبة بوجود سياسي مشروع.. لم نسمع صوتا واحدا يتحدث عن إنصاف الأقباط !


نعم إنصاف الأقباط.. فلم يعد ممكنا مداواة الاضطهاد بنفيه. المجتمع الذي يطالب بإصلاح سياسي حقيقي ويموج بحركات سياسية تشعل نيران المظاهرات وتحول المياه الراكدة الي دوامات لا يجوز له أن يبتلع حقوق مواطنيه. وإذا كان أبادير ينأي بالكنيسة المصرية عن مواقفه السياسية ويكتفي بكونها مظلة روحية، ويطالب بمجتمع مدني علماني.. فلا أحد منا يختلف مع هذا المطلب رغم اختلافنا مع أسلوب السعي لتحقيقه. وحتي إذا صدقت اتهامات العمالة الموجهة لأبادير وارتباطه بالأهداف الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية ضد مصر مسلمين ومسيحيين ومسيحيين علي السواء.. فلن نسمح بأن يدفع فاتورة اخطائه مسيحيو الداخل في مصر القبطية


ليست هناك تعليقات: