الخميس، 27 نوفمبر 2008

يحدث في «كهف ستان»! .. نشرت بتاريخ 6 / 8 / 2005

في جمهورية «كهف ستان» الرفاق نائمون.. لا يبالون كثيرا بما يحدث في قصر الرئاسة، البعيد عن كهفهم. معزولون عن العالم الخارجي بسبب انقطاع التيار الكهربائي.. حتي فقدوا القدرة علي الإبصار. فجأة قرر الحاكم إخراجهم من الظلام. جاءتهم الصورة مشوشة وضبابية، والمشاهد متتابعة لكنها مبهمة. لم يفهم سكان الكهف ما المقصود من تداول السلطة أو تحديد صلاحيات الحاكم. لم يستوعبوا خطورة «قانون الطوارئ» فلم يستجب أي منهم للاستفتاء علي تعديل الدستور. هم منغلقون علي همومهم يكملون عشاءهم نوماً. وبدون سابق إنذار اقتحم سلامهم المزعوم من يبشرهم بمنحة الحاكم للشعب: إنها«الحرية».. بوابة الإصلاح السياسي لدخول عهد الانتخابات الرئاسية. أطلت عليهم وجوه تتجهم وتتحدث بلهجة سياسية عن حق المواطن في «كرسي الحكم»، وألح عليهم رجال الدين للمشاركة في تحديد مصير «كهف ستان» باختيار رئيسهم القادم. صدم الشعب الذي لم يعرف في حياته سوي «ثورة الجياع» حين شاهد «الهجامة» تطارد مظاهرات حركة «بس خلاص». شعروا بالفزع من الفوضي فهم لم يألفوا الخطب العصماء لقادة المعارضة ولم يعتادوا التطاول ولو بالتلميح علي رموز الحكم، فاعتبروا أن ما يحدث مجرد «كابوس» سيستيقظون منه حتما. لكن هناك من رأي فيما يحدث «حلما» في طريقه للتحقق: العقار رقم 117 هو رقم مقر لجنة تلقي طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية. هي إذن علامة لا يخطئها قلب مؤمن دفعت صاحب «الرؤية» لتقديم أوراقه فورا للانتخابات. وفي منام آخر هناك من رأي نفسه يرتدي ثوبا «أبيض في أبيض»: هي إذن بشارة فوزه برئاسة الجمهورية. الأهم من ذلك أن رئيس أحد الأحزاب وزع كتبه القيمة في «تفسير الأحلام» داخل اللجنة بعد سنوات طويلة ناضل خلالها حزبه لفك عقدة الاقتصاد المربوط علي الفقر وجلب الغائب وتزويج العانس بالاستعانة بالأرواح! ثم طرح أحدث أفكاره للمساواة بين الفقراء بتعميم «زي موحد» للقضاء علي التمييز الطبقي بين فئات الشعب!
ولأن الناخبين بينهم من يهتم بـ «الطبق» قبل «الطبقة» رفع أحد مرشحي الرئاسة شعار توفير «الفول» لكل مواطن. وعلي سبيل المزايدة السياسية أضاف مرشح آخر القمح إلي الفول. واعتبر آخر أن الحل في بطن «السمكة». والغريب أن هناك من اقترح زراعة «الصبار»، ثم اكتسحهم مرشح حمل معه كيسا من «الخبز» إلي اللجنة. وبعد «وصلة هذيان» انصرف حفاظا علي سخونة الخبز!. وتنوعت برامج المرشحين بين قوائم الطعام وقائمة الإصلاح السياسي. وفي السياسة حدث ولا حرج، فأحد المرشحين البارزين لم يجد حلا للبطالة سوي فتح الحدود بين «كهف ستان» و«إسراطين»، في حين طالب مرشح آخر بطرد سفراء أمريكا وإسرائيل وإنجلترا ونفيهم إلي كوكب آخر. وهناك من طالب بفصل الشرطة عن وزارة الداخلية ونادي بعدم تحديد النسل باعتباره خطة صهيونية! لكن الأطرف من ذلك المطالبة بتشريع يحاسب رئيس الجمهورية عقب كل ثلاث سنوات علي ما وعد وتعهد به، فإذا لم يف بما قطعه علي نفسه يتم عزله وحبسه.
وعكست أعراض «البارانويا» التي بدت علي بعض المرشحين حالة التعطش للسلطة: أحد المرشحين رفض الإفصاح عن برنامجه الانتخابي إلا أمام كاميرات برنامج «البيت بيت أبونا». والآخر زعيم بالفطرة نجا من تطبيق خمسة أحكام بالإعدام شنقا ورفض الترشيح لجائزة نوبل ثلاث مرات. والثالث يطلب مناظرة علنية مع الرئيس وهو خلف أسوار السجن. أما المناظرة الأخري فيطالب بها مرشح أعلن ترشيحه أيضا من خلف القضبان!
في مصر القانون يحظر تناول سلوك المرشح أو أخلاقه ، أما في «كهف ستان» فهذا الحظر مطعون في دستوريته، وهو ما جعل الشعب يشاهد هناك كوميديا سياسية أبطالها من الواقع. وبعد حملة تأييد لرئيسهم الحالي عادوا إلي الكهف وانقطع التيار الكهربائي.

ليست هناك تعليقات: