الجمعة، 28 نوفمبر 2008

ومن العلم ما قتل! .. نشرت بتاريخ 17 / 10 / 2005

احترس من الاقتراب من آراء الدكتور "زغلول النجار"، لأنها ملتهبة مثل البراكين التي يتوعدنا بها، توشك أن تنفجر في وجوهنا جميعا. فيبدو أن نرجسية "العالم" قد تمكنت منه فأصبح يعتبر أن الاختلاف معه تهمة تعادل "معاداة السامية" !
فالرجل قد تولي تفسير الإعجاز العلمي للقرآن لأمثالي من العامة الجهلاء ويسعد بإثارة الجدل حول آرائه العلمية والدينية وما يترتب عليه من شهرة مجزية. لذلك فتح النار علي من عارضوا آراءه حيال الكوارث الطبيعية التي يعتبرها:"عقابا للعاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين". فهو يصنف معارضيه إلي "مشايخ" حاسدين وجهلة، أو بقايا "اليسار"الذين يراهم "مجرد سفهاء يريدون التطاول عليه"!!
و علي الدكتور زغلول البحث عن صفة جديدة ينعتني بها لأنني لا أنتمي لكلا التيارين. أو أن يلتزم بالحياد العلمي ووقار العلماء.. ويكف عن ترويعنا.
وبداية لابد أن أعلن ندمي علي متابعة حواره في برنامج "بلا حدود" مع الإعلامي "أحمد منصور" والذي اكد خلاله أن الزلازل والبراكين "جند من جند الله" يسخرها علي من يشاء.
فلم يرتق عقلي لإدراك الحكمة الإلهية من الزلازل التي ضربت الهند وباكستان، ولا سبب الغضب الإلهي علي فقراء جنوب آسيا الذي اجتاحه إعصار تسونامي. ولم أر من إعصار كاترينا سوي الدمار الذي لحق بفقراء أمريكا من السود فيما نجا الأمريكان الأثرياء من لعنة الخراب الذي خلفه مثلما نجوا من إعصار ريتا.
لكن الدكتور النجار يصر علي احتكار الحقائق العلمية والتفسيرات الدينية وحده. ويحاول بكل تعنت أن ينزع من قلوبنا الإحساس بالعدالة الإلهية ورحمة الله التي تسع الكون بأسره.. وكأنه لا يعرف من الصفات الإلهية سوي المنتقم الجبار !..ربما كان علي حق وجاء يوم نري فيه المشيئة الإلهية تثأر للأرواح البريئة التي اغتالتها الإدارة الأمريكية. لكن تري هل يتبني "بوش" نفس وجهة النظر ليتعظ ويحتكم لموازين العدل الدولية ؟. لا أعتقد.
ولا أتصور إمكانية تطبيق نظريته في العقاب الإلهي علي عشرات الآلاف من فقراء باكستان إلا إذا كان يعتقد أن السماء تصب غضبها علي تنظيم القاعدة الذي فجر مركز التجارة العالمي و استقرت بعض فلوله في باكستان !.ألم ير دكتور الجيولوجيا الشهير جثث ضحايا الأعاصير
التي ضربت الهند و تايوان والفلبين والصين وبينهم مسلمون ومؤمنون من مختلف الديانات!!.أم تراه يعتقد أن السماء لا تحب الفقراء؟
كانت شماتة الدكتور النجار في أمريكا واضحة التي تسبب لنا الكوارث الطبيعية باعتبارها كبري الدول الصناعية إطلاقا لملوثات البيئة، وبالتالي تعد هي المسئول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يؤدي بدوره لتزايد معدلات الفيضانات والأعاصير والزلازل. و لأنها دولة مارقة لم توقع علي إتفاقيات الحفاظ علي البيئة فلن تنجو من الانتقام الإلهي. فالدكتور النجار ينذرها بلعنة السماء حين يؤكد أن ثلثي الولايات المتحدة الأمريكية ستختفي عقب أكبر ثورة بركانية مرشحة للاندلاع في أية لحظة وهي ثورة بركان
Yellow Stone)) العظيم الذي يقع في ولاية أوهايو الأمريكية. فجأة
تذكرت فقراء مصر الذين شردهم زلزال محدود، مقارنة بما نراه اليوم.. وللحقيقة لم أجد لفكرة الانتقام الإلهي أي سند من الصحة رغم إصرار الدكتور النجار عليها حتي الآن. فمصر لم تكن قرية للظالمين أراد الله إهلاكهم.
وكذلك المدينة المنورة التي يؤكد الدكتور زغلول أنها محاطة بأربعمائة فوَّهة بركانية بعضها سجل هزات أرضية (سجل بركان واحد منها ثلاثمائة هزة أرضية قبل عامين أو ثلاثة)، لكنه يعود - في تناقض غريب- ليؤكد لنا أن الزلزال الذي أثار هلع الناس في مكة المكرمة ليس سوي هزة خفيفة ناجمة عن التفجيرات المستمرة لحفر الأنفاق، ونحن نصدقه بالفعل في كونها أرضاً مباركة نمت منها اليابسة فحسب،أما قوله بأن مكة بعيدة عن منأي الزلازل فينفيه العلماء السعوديون في إشارة إلي حوالي 12 زلزالا مدمرا ضربت مكة كان آخرها في عام 1994 ! هل هؤلاء العلماء أيضا جهلة في رأيه أم أنهم من فئة الحاسدين؟!.

ليست هناك تعليقات: